جامع اليّاغوشيَّة
995 هــ - 1587
م
في سنة خمسٍ
وتسعين وتسعمئة هجرية والتي توافقه سنة سبع وثمانين وخمسمئة وألف ميلادية، كلَّفَ
الوزيرُ الأعظم سياغوش باشا، زعيم الإنكشاريّة في الشام حسن باشا بن عبد الله
المعروف بالشوربزي، ببناء جامع له بدمشق، ودفع له المال الجزيل، فباشر في البناء
في ذات العام، والباشا حسن الشوربزي هو الذي بنى سوق المرادية والخان، وجدّد أوقاف
الجامع الأموي والبيمارستان النوري والقيمري، وكان معروفاً بين النّاس بسيرته
الحميدة، وتُشبَّه بسيرة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فكان شديداً لا يعرف
المداهنة، صريحاً لا يتستر على المقصّرين، فكرهه نفر وتآمروا عليه، وانتهت حياته
بالعزل والمصادرة، وتوفي سنة سبع وعشرين وألف هجرية.
للجامع واجهة حجرية رائعة الجمال،
منقوشة، مزخرفة، تحمل طابع العصر الذي بنيت فيه، ويُدخل من بابها لصحن كان مفروشاً
بالحجارة الجميلة، كما كانت في وسطه بركة مربّعة تم إزالتها سنة اثنتين وأربعمئة
وألف هجرية، وفرشت الأرض بالبلاط فوق الحجر الجميل. وفي شمال الصحن إيوان صغير
يؤدّي إلى المصلّى الصيفي، وفي الجهة الجنوبية إيوان ضخم بخمس قناطر تحتها ثلاثة
أعمدة حجريّة جميلة، وفوقها خمس قباب، وتحت القبّة الوسطى مدخل القبلية، ولها باب
قبّة عالية قائمة على أربع قناطر، ويحيط بالقبلية حجارة رائعة الجمال منقوشة على
ارتفاع خمسة أمتار، وبجانب المحراب الحجري الجميل لوحتان كبيرتان من القاشاني،
وفوقهما وفوق الأبواب والشبابيك الشرقية والغربية، لوحات بديعة من القاشاني،
وبجانب الباب سدّة خشبية تقوم على أربعة أعمدة من الرّخام الأبيض الجميل. وللجامع
بابان شرقي وهو الأصيل، وغربي ثانوي محدث، ويقوم في الشمال مصلّى صغير يستخدم
مجلساً للإمام وصحبه.
مئذنة الجامع حافظت على جمالها، وهي
مرتفعة فوق قاعدة مربّعة من الحجر، جذعها مؤلّف من ستة عشر ضلعاً تجعله أقرب إلى
الأسطوانة الصمّاء منه للجذع كثير الأضلاع، ولا يحمل نقوشاً وكتابات وتزيينات،
وينتهي في الأعلى بمقرنصات غنية ترتكز إليها شرفة مثمّنة تعلوها مظلة على غرارها،
وفوق الجميع جوسق بطبقتين، السفلية أسطوانية كاملة الاستدارة، والعلوية مثمّنة،
وينتهي رأس المئذنة بقلنسوة مخروطية مضلّعة تغطيها ألواح التوتياء.
في أواخر العصر العثماني، استخدم
الجامع مدرسة، ثم أعيد الجامع لوظيفته بعد انتقال المدرسة، وأُطلِقَ على الحيّ
الذي فيه "الياغوشية" نسبةً إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق