جامع المولويَّة
993 هــ - 1585
م
ينسب الجامع إلى المولوية، وهو في
الأصل تكية بنيت سنة ثلاث وتسعين وتسعمئة هجرية والتي توافق سنة خمس وثمانين
وخمسمئة وألف ميلادية، في عهد حسن باشا العثماني، وقذ ذكرها محمد بن جمعة في كتاب
الباشات والقضاة فقال: "وعمرت مولوخانة تكية الدراويش بالقرب من جامع تنكز
وهي في غاية الحسن والنهاية".
ومن المعروف أنّ الطريقة الصّوفيّة
المولوية لم تتشكل في حياة مولانا جلال الدين الرومي، وهو على الرغم من أنّه أخذ
الطريقة الكبروية عن والده والطريقة الملاميةوالقلندرية عن شمس التبريزي ثم قام
بتفسيرهما متأثراً بوحدة الوجود عند ابن عربي إلاّ أنّ ذلك لم يسفر عن تنظيم هيكلي
للمولوية. والذي جرى هو بعد وفاته زمن عارف جلبي المتوفى سنة عشرين وثلاثمئة وألف
ميلادية، جرى شكل الدوران والزّيّ في اللباس، واستطاعت المولوية على مدى القرن
الرابع عشر الميلادي أن تثبت وجودها منطلقة من قونية جنوب تركيا إلى العالم
الإسلامي عبر التكايا، ولم تكتمل تعاليمها إلاّ في بداية القرن السابع عشر
الميلادي.
أما الجامع التكيّة، فلا يزال تاريخ
البناء على بابه بالرغم ممّا اعتراه من الكثير من التغيير منذ بنائه إلى يومنا
هذا. وللمسجد الجامع جبهة حجرية منحوتة متقنة فيها الباب وشباكان إلى الطريق، وعلى
كتفهما تقوم المئذنة الحديثة التي تحاكي مآذن القاهرة المملوكية، ومن تحتها سقاية
وإلى جانب السقاية الحائط القديم وفيه أربع كوى صغيرة، ثم الباب القديم الذي كتب
عليه تاريخ البناء وهو سنة ثلاث وتسعين وتسعمئة هجرية، وعلى امتداد الباب سقاية
معطّلة فوقها أبيات بالتركية مؤرّخة بعام ست وستين ومئتين وألف. وإلى شمال الداخل
من الباب الجديد القبلية المبنية من الإسمنت ولها محراب لطيف حسن ومنبر خشبي جميل.
وإلى يمين الداخل درجات ينزل بها إلى صحن مستطيل يؤدي إلى قبّة الحضرة حيث يقوم
الدراويش المولوية بدورانهم المعروف وفي تلك الحضرة قبة لأحد مشايخهم، وحول تلك
الحضرة غرف لسكن الدراويش.
مئذنة الجامع تتميز بطراز عمراني
فريد في دمشق، وهي شبيهة بمآذن القاهرة المملوكية وتشبهها مئذنة جامع الفردوس
ومئذنة جامع الفاروق، ولكنّهما لم تحملا جمال هذه المئذنة. وتتألف من جذع مثمّن
متكرر يتناقص في صعوده نحو الأعلى طولاً وقطراً، وتقطعه ثلاث شرفات خالية من
المظلاّت تتناقص أقطارها من القاعدة إلى الرأس، والشرفتان السفليتان مثمّنتان
تتدلى منهما المقرنصات، ويحيطهما درابزينان شبكيان مفرّغان. أما الشرفة العلوية
الثالثة فأسطوانية ذات مقرنصات، ودرابزينهاأسطوانيفوقها جوسق على شاكلتها يحمل
ذروة صنوبرية.
إنّها المئذنة المتفرّدة في سماء
دمشق شاهقة، تردد قول مولانا: "حين يمتطي نور الحقّ الحيَّ فإنَّ الرُّوح
تغدو مشتاقة إلى الحقّ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق