جامع التكيّة
السُّليمانيَّة
تقع التكية السليمانية على أرض
مساحتها الإجمالية حوالي أحد عشر ألف متر مربّع تقريباً، وقد شيّدت على أنقاض
القصر الأبلق المملوكي الذي يعود للملك الظاهر بيبرس، شرقي المرج الأخضر المعروف
بميدان ابن أتابك، وبجوار المتحف الوطني وجامعة دمشق حالياً وبين نهري بردى
وبانياس، وقد أمر ببنائها السلطان سليمان القانوني.
يقول القطيعي في ذيله على مختصر
النعيمي، وبدران في المنادمة: "بناها سنة اثنتين وستين وتسعمئة هجرية
الموافقة لسنة أربع وخمسين وخمسمئة وألف ميلادية، بالمكان الذي كان فيه قصر الملك الظاهر
بيبرس، فأُخذت آلات هذا القصر وجعلت فيها، وأضيف إليها ما يحتاج البناء إليه، فجمع
من الآلات والأحجار والرّخام الصافي والملوّن والقباب والصنائع والترصيص ما يحير
فيه الناظر. وتشمل على خلاوٍوحجرات.. كلّ خلوة بقبّة،وأوجاق
وشبابيك إلى الصحن، ومطبخ في غاية الإحكام،ومئذنتين شرقية وغربية كأنّهما ميلان،
أما القبة والمنبر والمحراب ففي غاية الإتقان. وفي الجانب القبلي من الجامع جنينة
بديعة المنظر".
قام بتصميم الجامع المعمار الشهير
سنان باشا، وأشرف على التنفيذ المهندس ملاّ آغا الإيراني يعاونه عدد من المهندسين
الأتراك. واستمرت العمارة ست سنوات فكان هذا البناء الفريد بدعة من بدائع العمارة
في الفترة العثمانية.
يقول العلوي: "وقد انتقد مهندسو
الشام، أسلوب المهندس الفارسي باهتمامه بالشرق والغرب، وإهماله الشمال والجنوب،
وتمنّوا لو أنّه راعى ذلك وبنى مئذنة في وسط الجهة الشمالية".
ولقد أوقف على هذه التكية تسع
وثلاثون قرية منها: دوما وعقربا وصيدنايا والزبداني وغيرها... وعيّن فيها ما ينوف
على مئة موظّف بين مدرّس ومقرئ وإمام وطبّاخ.
للجامع صحن واسع في وسطه بركة ماء
كبيرة جميلة، ويحيط بالصحن أروقة وغرف، استخدمت في فترة الخمسينات والستينات مدرسة
شرعية ثم آلت إلى متحف حربي، وفي الجزء الغربي الجنوبي من التكية حديقة وتربة تضم
بعض أعيان الأتراك العثمانيين، وقبر آخر سلطان عثماني هو محمد السادس (وحيد الدين)
ابن السلطان عبد المجيد الذي توفي في المنفى في سان ريمو بإيطاليا بعد مرضٍ أصابه
ولم يستطع دفع تكاليف المشفى فاحتفظت المشفى بجثمانه حتى دفعت له الحكومة السورية
الديون التي عليه، واستقدم رئيس الجمهورية محمد علي العابد جثمانه ودفن في التكية
السليمانية بدمشق.
لجامع التكية مئذنتان متشابهتان على
الطراز العثماني، وقد أصابهما تصدّع في زلزال ضرب دمشق فجددهما فتحي أفندي
الدفتردار منتصف القرن الثاني عشر للهجرة الثامن عشر الميلادي، وفي سنة ثمان
وعشرين وتسعمئة وألف للميلاد حدث زلزال آخر فمالت المئذنة الغربية،وأصابها التشقق،
فهدمتها دائرة الأوقاف وأعادت عمارتها من جديد. وتمتاز المئذنتان بكثرة الأضلاع ما
يجعلهما أقرب للدائرة، مع نحول الشكل نسبة للبناء وارتفاعهما شاهقتين. وبرأسيهما
قلنسوة مخروطية.
تعدّ التكية من أجمل الآثار
المعمارية العثمانية الباقية، وزينة دمشق وإحدى معالمها الرائعة.
حَوَتِ الجمالَ
فلو ذهبتَ تَزيدَها في الوهم حُسْناً
ما استطعت مزيدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق