جامع الطَّاووسيَّة
يقع الجامع في شارع بور سعيد المعروف
قديماً بشارع الملك فؤاد قرب جسر فكتوريا، وقد أُطلق عليه خطأ اسم الطاووسية،
والأصح أنّه الخانقاهاليونسية نسبة لبانيه الأمير يونس دوادار الظاهر برقوق. وكلمة
خانقاه فارسيّة دخلت العربية منذ ظهور التصوّف وتعني مكان التعبّد والتزهّد والبعد
عن الناس، أما كلمة دوادار فتعني الذي يحمل الدّواة للسلطان أو الأمير ويتولّى
أمرها وما ينضم لذلك من أمور، وفي مصطلحنا الحالي تعني مدير مكتب الرئيس أو الوزير،
وكانت الدواة زمن السلاجقة من علامات الوزارة ورفعة الشأن، وكان الوزير يوم
اختياره وتنصيبه يُعطَى دواة من ذهب، ووظيفة دوادار منصب رفيع في الدولة، ويونس
هذا صاحب الخانقاه، هو الذي بنى خاناً قرب غزّة وسمي باسمه خان يونس، ثم عرفت
البلدة المحيطة باسمه، وقد قتل في فتنة الناصري ومنطاش سنة إحدى وتسعين وسبعمئة.
يقول النعيمي عن الخانقاه:
"أنشأها الأمير الكبير الشرفي يونس دوادار الظاهر برقوق في سنة أربع وثمانين
وسبعمئة هجرية كما هو مكتوب على بابها، وفي ربيع الآخر سنة
خمس وثمانين كما هو مكتوب في الدائر داخلها".
أما الخانقاهالطواوسية التي نُعتَ
الجامع باسمها، فكانت تقع مقابل الخانقاهاليونسية، أي مكان سينما الأهرام حالياً
وهي من آثار السلاجقة، وتنسب لشمس الملوك دقاق السلجوقي ولم يعد لها وجود اليوم.
بني جامع الخانقاهاليونسية (جامع
الطاووسية) سنة أربع وثمانين وسبعمئة هجرية، اثنتين وثمانين وثلاثمئة وألف ميلادية.
وفي هذه السنة وفي التاسع عشر من شعبان، التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول خلع
برقوق الملك الصالح الثالث ونفاه واستلم مقاليد الحكم والملك وكان الملك الصالح
آخر من حكم من المماليك البحرية ومن هذا الوقت قامت دولة المماليك الجراكسة على يد
برقوق الملقّب بالظاهر.
للجامع بابان، أحدهما كبير يطلّ على
حيّ البحصة وهو الرئيس قبل أن يهدم الحيّ وتقوم مكانه عمارات شاهقة، والباب هذا
مغلق اليوم، وهو ذو مدخل جميل رائع سام شاهق تعلوه المقرنصات المملوكية البديعة
وتحتها بقجة مربعة من الزخرفة الهندسية المعقودة بألوان الحجر الأحمر والأسود
والعاجي، إلى غير ذلك، الآخر يطل على الشارع العام.
وقد جعلت تحت الجامع بعد تجديده بعض
المحلات التجارية ما أفقدته بهاءه ورونقه، وكان الواقف قد اشترط أن يكون مدرسو الخانقاه
وطلابها على مذهب أبي حنيفة.
وفي سنة خمسين وثلاثمئة وألف هجرية
أجريت تعديلات على الجامع، فبلطت أرضه، ونقل القبر الذي كان فيه إلى الأسفل،
وضُمَّ مكانه إلى الحرم الذي دوّن فيه اسم الواقف والوقف، وفي سنة خمس وتسعين
وثلاثمئة وألف هجرية، خمس وسبعين وتسعمئة وألف ميلادية، هدم الجامع بكامله
والمنطقة، وأعيد بناؤه من جديد مع احتفاظه ببعض الملام القديمة، وأضيفت إليه مئذنة
على الطراز المملوكي بإشراف المهندس ربيع دهمان رحمه الله.
لم يبق منه سوى
رقش يدل على وقف مضى وقضاه
اليوم تجديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق