جامع الباشورة
كان الجامع قديماً يعرف بمسجد شجاع
قبل القرن السادس الهجري، فقد ذكره ابن عساكر في تاريخه الكبير حيث قال:
"مسجد على باب الصغير ملاصق للسور، كبير، يعرف بمسجد شجاع، له منارة
خربت". وذكره النعيمي في الفترة المملوكية المتأخرة، فقال: "مسجد شجاع
ويعرف اليوم بمسجد الباشورة". والباشورة تعني الطريق المتعرّج المنعطف بين
بابي ا لمدينة لعرقلة العدوّ المهاجم وقت الحرب والحصار، كالباشورة القائمة بين
بابي الفرج الداخلي والخارجي في سوق المناخلية، بين السورين بدمشق. وقد ظهر هذا
الأسلوب في تخطيط المدن وأسوارها بكثرة زمن نور الدين محمود بن زنكي، ولعلّ إطلاق
اسم الباشورة على الجامع جاء من كونه قرب السور في الباشورة.
مدخل الجامع رائع بديع الزخارف،
وواجهته الحجرية متميّزة بنسبها وتكويناتها التي تدل على معرفة معمار ذاك العصر
بالقيم الجمالية. وتقع الواجهة في جهة الغرب، وتفضي إلى الصحن المربّع المفروش
بالحجارة البيض والسود، وفي الجهة الغربية من الصحن رواق يقوم على عمود ضخم،
وللقبلية شباكان إلى الصحن وفيها محراب حجري حديث ومنبر خشبي عادي، وقد جددت
الجامع دائرة الأوقاف الإسلامية سنة إحدى وأربعين وثلاثمئة وألف هجرية الموافقة
لسنة اثنتين وعشرين وتسعمئة وألف ميلادية. وأعقبه تجديد آخر سنة ثمان وأربعمئة
وألف هجرية.
للجامع مئذنة فوق حائط باب الباشورة
وهي مثمّنة ولها قاعدة مربّعة. وتحمل المئذنة الطابع الشامي المتأثر بالأسلوب
العثماني والمملوكي، ما يميّزها عن مآذن العالم الإسلامي.
جَذع المئذنة مثمّن من حجر صلب بديع
وفي الوسط نافذة مستطيلة صغيرة شبيهة بِكُوَّة، أمّا الشرفة فتقوم على إفريز حجري
مثمّن يتناسب وجذع المئذنة التي يزيّنها درابزين خشبي مفرّغ جميل، وقد استخدم في
تزيين الدرابزين أسلوب الخيط العربي المعتمد على الشكل المثمّن الذي يتواءم وعناصر المئذنة. وهذا الأسلوب قليلاً ما نراه ونشاهده في
تزيينات المآذن، وفوق الشرفة مظلّة مثمّنة من التوتياء، وفوقها جوسق ثماني الأضلاع
يعلوه قلنسوة مخروطية مصفّحة بالتوتياء فوقها ثلاث تفاحات يحملن الهلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق