جامع السَّنْجَقْدَارْ
يُعرف الجامع تاريخياً باسم جامع
أرغون، وجامع الحشر. أمّا بناؤه فينسب للأمير سيف الدين أرغون شاه النّاصري الذي
جيء به من الصين، وأهدي إلى الملك النّاصر، محمد بن قلاوون، الذي ربّاه وجعله أمير
طبلخاناه. ثمّ ترقّى في المناصب وأصبح نائب دمشق ودخلها سنة ثمان وأربعين وسبعمئة
هجرية عقب إعدام نائبها السابق يلبغا، صاحب الجامع الشهير الذي كان في المرجة، وقد
نال من الجاه والعزّ وكانت كلمته نافذة مسموعة.. وفي سنة
خمسين وسبعمئة هجرية قتل في ظروف غامضة ودفن في جامعه، وبعهده دخل الرحّالة الشهير
ابن بطوطة دمشق. أما الجامع الذي بناه، فقد كان مكانه مسجد قديم صغير يقال له مسجد
الحشر، فعمّره أرغون ومات قبل إتمامه. وفي سنة ثمان بعد الألف من الهجرة جدده سنان
آغا جاويش الإنكشارية، ولم يبق من الجامع بعد التجديد إلا الواجهة والتربة
والمئذنة، ثم جدد سنة ست وثلاثين ومئتين وألف هجرية كما هو مدوّن على مدخله، وفي
سنة أربع وثلاثين وثلاثمئة وألف أزيحت واجهته إلى الوراء لتعريض الشارع.
وأما سبب تسميته بالسنجقدار فهو ما
زعم العامة من أن الصحابي العباس بن مرداس حامل لواء الرسول صلّى الله عليه وسلم
مدفون فيه، ولذلك كانوا أيّام محمل الحج الشامي يودعون فيه السّنجق أي العلم يوماً
وليلة تجاه القبر الذي هو في الواقع قبر أرغون، ثم يصلّون العصر في الجامع
ويأخذونه إلى دائرة المشيرية.
للجامع واجهة حجرية رائعة البنيان
والنسب من الأبلق، وفيها مقرنص لطيف، وكتب فوق أسكفّة الباب بالتركية ما يدلّ على
زمن التجديد، ويرى الداخل من الباب للصحن على يمينه قبّة عالية جداً فيها محراب
حديث وأربعة أضرحة.
مئذنة الجامع حديثة العهد لا تعود
إلى زمن البناء، فقد شب حريق سنة ثمان وعشرين وتسعمئة وألف ميلادية أدّى إلى انهيار
المئذنة القديمة التي كان جزعها على شكل المربّع. أما الحالية فهي ذات جذع مثمّن
تزين أسفله ثمانية نوافذ صمّاء مقوسنة ثلاثية الفصوص، وتنتشر فيه أشرطة حجرية
سوداء تحصر في وسطه زخارف متناوبة بسيطة، كما يحيط هذا الجذع في الأعلى شريط مزخرف
تتدلّى فوقه المقرنصات، ويحيط الشرفة المثمّنة درابزين مفرّغ النقوش، كما تعلوها
مظلة على نسقها، ويرتفع فوق الجميع جوسق بطبقتين، السفلية منها مثمّنة، والعلوية
أسطوانية قصيرة تحمل ذروة صنوبرية. مئذنة جامع السنجقدار شبيهة بمئذنة جامع
النقشبندي التي تحمل تأثيرات العصر المملوكي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق