الأربعاء، 27 يوليو 2016

أكنان النور - جامع الركنية - A.ALMOUFTI

جامع الرَّكنيَّة
625 هــ -1227 م


أنشئ الجامع في الأصل مدرسة لدراسة المذهب الحنفي. وقد أنشأها الأمير ركن الدين منكورس الفلكي، غلام فلك الدين، أخي الملك العادل لأمه. كما أنشأ مدرسة للشافعية. وكان ركن الدين صالحاً عفيفاً خيّراً كثير الصدقات، وكان ينزل في كلّ ليلة وقت السحر إلى الجامع الأموي، ويواظب على حضور الصلوات فيه، ولم يكن له نظير في أخلاقه وورعه وسكونه وصمته. توفيّ في جيرود سنة إحدى وثلاثين وستمئة هجرية ونقل إلى الركنية وقبره في جانب الجامع. وكان لمدرسته الشافعية شأن كبير في دمشق، درس فيها خيرة العلماء كأبي شامة والنوويّ وابن خلّكان وغيرهم.
بوشر ببناء الركنية سنة إحدى وعشرين وستمئة هجرية كما هو مدوّن فوق شبّاكها، وفُرغ من بنائها سنة خمس وعشرين وستمئة هجرية. يتميّز الجامع بجمال جبهته الحجرية البديعة ذات الزّخارف الهندسية والكتابات الكوفية الرائعة فوق الباب وفيها: قل هو الله أحد. وتحمل الواجهة مقرنصات بديعة على الطراز المعماري الأيوبي. ويدخل من الباب إلى قبّة عظيمة ولكنها سقطت فأقيم مكانها سقف قد شوّهها، وإلى جانبيها الأيمن والأيسر قنطرتان تقومان على عمودين ضخمين، وكان تحت القبة بركة ماء ولكنّها دثرت مع التجديد. وفي الجهة الجنوبية من القبّة باب ضخم يؤدي إلى القبلية وفيها محراب من جصّ عادي وتحت القنطرة اليسرى باب يؤدي إلى قبّة تحتها ضريح عال هو ضريح ركن الدين.
يعتبر الجامع خير مثال لطراز العمارة الأيوبية بروعة بنائه الحجري وبساطة تزييناته التي تقوم على المقرنص وبعض لمسات من الكتابات الكوفية، ولقد قامت مديرية الآثار ببعض الإصلاحات والترميمات عليه وأحاطته بحديقة ساهمت في جماله.
ليس للجامع مئذنة زمن بنائه، ويعتقد أن المدرسة لم تكن تحمل طابع الجامع لوجود جامع الحنابلة في المنطقة، إذ كان المسجد الجامع الذي يؤمّه المصلّون.
وأقدم ما جاء عن مئذنته ما ورد عند ابن طولون حيث قال: "ومئذنة الركنيّة من الآجرّ بطبقة واحدة". إلاّ أنّ المدرسة ظلّت بدون مئذنة طوال العهد المملوكي والعثماني، حتى جاء من أضاف مئذنة صغيرة على سطح الجانب الغربي، ثم أزيلت وأقيمت مكانها مئذنة أواخر سنة تسعين وتسعمئة وألف ميلادية لا تليق بالبناء الأثري الشامخ، وهي معاصرة بجذع مثمّن فقير، وكذلك شرفتها ودرابزينها ومظلتها، أما الجوسق فمثمّن في قسمه السفلي واسطواني في العلوي ويحمل ذروة يفترض أن تكون صنوبرية لكن كتلتها لا تتناسب وارتفاع المئذنة، ولا تنسجم مع تشكيلها المعماري.
قال ابن كتان في المروج السندسية... "إنّ هذا الجامع هو من أعمر مساجد الصَّالحية وأنزهها".
وإذا نظرتَ إلى الأماكِن تُلْفِها          تشقى كما تشقَى العبادُ وتسعدُ



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق