الأحد، 31 يوليو 2016

التصوير الشمسي (4) ….




وصوّرنا يا زمن…

لم يكن الرسّام توماس سيدون الذي نبّه إلى التزوير في بعض الصّور الفوتوغرافية كما أسلفنا وحده الذي استعان بهذه الصور في رسم لوحاته الاستشراقية، وإنّما كان هناك أكثر من رسّام، ومنهم الرسّام البريطاني الشهير وليم هانت Wiliam Hunt (1827 – 1910)
، الذي جاء إلى القدس وعاش فيها أشهراً في العام 1854م وقام بأربع جولات مطوّلة في سورية بين 1854 – 1859، وفي تشرين الأول 1855 رافقه القس المصوّر جيمس غراهام في جولته في سورية، واستخدم هانت في رسومه صور غراهام وبيرغهايم، وبريدجز، وغيرهم…
في سنة 1853 تعلّم المحامي والديبلوماسي الألماني فيلهلم فون هيرفورد مبادئ التصوير خلال رحلته إلى جنوب فرنسا من المصوّر الآثاري أدوارد بالدوس.

وفي سنة 1855 بدأ رحلته إلى بلاد الشرق، فالتقط صوراً للمدن القديمة سرديس وطرابزون في آسيا الوسطى. وفي أواخر العام 1855 التقط صوراً لدمشق، وهياكل بعلبك، وفي سنة 1856 ذهب لفلسطين وبقي فيها شهرين التقط خلالها أكثر من خمسين صورة. ثم عيّن في هذه الآونة قنصلاً لبلاده في القاهرة وظلّ هناك حتى ربيع 1857، وعندما عاد إلى بلاده، عرض صوره في برلين، وقدّم مجموعة مختارة منها إلى القيصر فريدريك غليوم الرابع. وفي العام 1861 عيّن قنصلاً لبلاده في دمشق، ثم نقل من دمشق إلى طرابزون 1866، وهناك أقدم على الانتحار في كانون الأول.. ولا يعرف الكثير عن نشاطاته التصويرية، وأوراقه. ومذكراته محفوظة حالياً في ميرزبورغ، وفي وزارة الشؤون الخارجية في برلين، ومن المؤسف أنّ أكثر أعماله التصويرية قد تعرّض للتلف خلال الحرب العالمية الثانية.

كان اهتمام هيرفور تصوير المعابد في دمشق وبعلبك، والتقط صوراً بانورامية للقدس والقاهرة، والقلاع الصليبية، والمواقع التوراتية.
في سنة 1841 عمل جيمس روبرتسون James Robertson (1813-1888) خبيراً في النقش في دار صك العملة في استانبول، وفي سنة 1853 افتتح مع صديقه فيلتشي بياتو استديو للتصوير الفوتوغرافي في الحي الأوروبي باستانبول، وحقق الصديقان شهرة كبيرة بعد أن قاما بتصوير حرب القرم (1854 – 1857) وانطلقا بجولة في سورية والتقطا مجموعة من الصور..
في سنة 1858 – 1859 قرر الدوق الروسي قسطنطين ابن القيصر نيقولا الأول أن يقوم برحلة إلى جنوب فرنسا وإيطاليا ومالطا واليونان وتركيا وسورية، ورافقه في هذه الرحلة الصحفي الروسي الأصل غبرييل دورومين الذي كان يدير مجلّة La Gazette du Nord وتطبع في باريس، وكان عضواً في الجمعية الفرنسية للتصوير 1858.
التقط دورومين العديد من الصّور في هذه الرحلة منها صور جميلة رائعة لدمشق، وقام بعرضها في متجر غودان في باريس، وفي لندن، وأمستردام 1862. وقام بإعداد ألبوم يضمّ صوراً بحجم استثنائي 120 × 60سم بعنوان ذكريات. وتحتفظ مكتبة مدينة روان Rouen العامة في فرنسا بهذا الألبوم النادر.
في عام 1859 قام المصوّر الفرنسي فرانسوا جوزيف إدوارد دوكبينيول برحلة إلى مصر وسورية والتقط مجموعة من الصور عرضها في قصر الصناعة بباريس، وتشير مجلّة (لالوميير) التي نشرت أخبار المعرض 1859 إلى أنّ الصور التقطت في دمشق ومصر والنوبة والقدس والبتراء وبعلبك، وتقول: "إنّ الصور تكشف لنا أطلال مصر وسورية وكأنّهما الاكثر إثارة في زمننا الراهن".
في أواخر عقد الخمسينيات تتالت رحلات المصورين المحترفين البريطانيين لسورية ومصر بهدف الاستكشاف والطلب المتزايد في أوروبة على هذه الصور، وكان أغزر المصورين إنتاجاً المصور فرانسيس فريث Francis Frith (1822 – 1898) الذي قام بثلاث رحلات تصويرية مستخدماً الكولوديوم الرطب وثلاث كاميرات، واحدة ضخمة تلتقط صوراً بقياس 50 × 40 سم..
أسس فريث في مدينة رايغيتReigate بمقاطعة ساري Surrey البريطانية، شركة تدعى (فرانسيس فريث وشركاه) واستعان بالعديد من المصورين الفوتوغرافيين من أجل إنتاج كمّيات كبيرة من الصور تغطي معظم أنحاء العالم. ومن بين هؤلاء المصورين، كان فرانك ماسون غود Frank Mason Good الذي تجوّل في مصر وسورية، والتقط العديد من الصور لمدينة دمشق…

ومطلع ربيع 1860 أصدر فريث كتاباً في مجلّدين تحت عنوان: مصر وفلسطين مصوّرة وموصوفة، ويتضمن الكتاب 76 صورة مع تعليقات ووصف للمناطق التي زارها. وكان النصّ المرفق بالصور مشبعاً بالعنصرية والشوفينية كالتي في كتابات ديفيد روبرتس، وهي نظرات مليئة بالحقد الاستعماري… ومن هنا… بدأت عيون الغرب تتطلع إلى الشرق..
كتب فريث في مقدّمة إصداره الفوتوغرافي الأوّل: "لقد اخترت بداية لجهودي، أكثر منطقتين مثيرتين للاهتمام في الكرة الأرضية.. مصر وفلسطين"..
 وكان سبب اختياره هذا. الافتتان الديني والتاريخي بالكتب المدعمة بالصور في أوساط الجمهور الفيكتوري البريطاني وعلى وجه الخصوص (صور فريث دمشق)، صور الأحياء والبيوت الدمشقية الجميلة المترفة المطعّمة بالفسيفساء والمتلألئة بالنوافير والألبسة الحريرية.. الدامسكو.. والأغباني.. وفي تعليقه على صورة التقطها لدمشق من الصالحية يقول: "إنّ آلة التصوير قليلاً ما تنصف بل ربّما يمكننا القول إنّها لا تنصف أبداً.. إنّها لا تنقل السحر والرّوعة لهذا المنظر المبهج للعين.. البيوت البيضاء المنتشرة على مساحة واسعة تتلألأ بسحر من خلال السهل اللامتناهي بخضرته وزخارفه النباتية الحيّة". ويعلّق أيضاً قائلاً: "أسمح لنفسي بالقول، مع إعطاء المزيد من القيمة للصور الفوتوغرافية الجيّدة عن الآثار والتحف الشرقية.

 إنّ يد التغيير السريع تصيب الكثير من المعالم البارزة، فبالإضافة إلى أنياب الزمن القاسية والرياح الرملية التي تهبّ بلا انقطاع، فإنّ المعابد والمقابر معرّضة دائماً لعمليات السلب المستمرة، من قبل الحكّام الذين ينهبون الأحجار المصقولة الضخمة لبناء بيوتهم، والقرويون الذين يستولون على ما يتوافر لهم من أحجار الآجر.. ويعمد السيّاح من مختلف أمم الأرض إلى كسر ما يقع تحت أيديهم من الأحجار المزخرفة هندسياً ومعمارياً ويأخذونها لبلادهم".

لقد أصدر فريث طبعتين من الكتاب المقدّس وفيهما صور منها لدمشق - الشارع المستقيم - ومحل بيع الفخّار…
في حديثنا عن جيمس غراهام أشرنا غلى أنّه علّم بيتر بيرغهايم التصوير.. وتحدثنا قليلاً عن بيتر، ونعود هنا لنقول: لقد التقط بيتر بيرغهايم صوراً لفلسطين ولبنان ودمشق، وصوره لدمشق موقّعة ومؤرّخة في العام 1873. وفي تقرير للبريطاني تشارلز وارن الذي كان يعمل في صندوق استكشاف فلسطين ملاحظات حول زيارته إلى عين جدي والشواطئ الجنوبية للبحر الميّت في أواسط صيف 1867 ويقول:

إنّ السيد بيرغهايم عاد لتوّه من رحلة تصويرية ناجحة إلى البتراء،والتقط مجموعة من الصور .
ويشير دليل باديكير (فلسطين وسورية دليل المسافرين) 1876 إلى أن بيرغهايم يعمل مصوّراً فوتوغرافياً في القدس. وقد زاره جورج بكهام 27 آذار 1869 في القدس واختار إحدى وعشرين صورة كبيرة الحجم، وثلاثين صورة صغيرة بسعر 111 فرنكاً، والتقط بيرغهايم صورة شخصية لباديكير مع زوجته في حديقة المنزل وكان ثمن أربع عشرة نسخة من هذه الصورة سبعة جنيهات استرلينية.

وكتب رولا فلويد 1885 إلى شقيقته تفاصيل مصرع بيرغهايم وكان فلويد واحداً من 156 أمريكي بقيادة القس جورج آدامس من تنظيم ديني أصولي يدعى (كنيسة المسيح) استوطنوا قرب يافا عام 1854، وأسس فلويد شركة لخدمات الحجاج والسيّاح الذين يزورون الأرض المقدّسة (فلسطين)..
كتب فلويد: "وقع حادث سيء منذ حوالي اسبوعين بين يافا والقدس.. لقد قتل بيرغهايم شقيق صموئيل المتوحّش الذي غرر بي وتعامل مع شركة كوك. وكان يمتطي عربة ويحمل ساعة وسلسلة ذهبية وبعض الدولارات نقداً لكن لن يمسّها أحد، والاعتقاد أنّ هناك بعض أعدائه استأجروا من قتله". ويشرح بالتفصيل لأخته… مقتل بيرغهايم…


أكنان النور - جامع الشيخ غبد الغني النابلسي - أحمد المفتي

جامع الشيخ عبد الغني النابلسي
1145 هــ - 1732 م


ينسب الجامع إلى عالم دمشق الذي طبقت شهرته الآفاق في العلوم وهو الشيخ عبد الغني بن اسماعيل النابلسي الحنفي الدمشقي النقشبندي القادري.
ولد الشيخ بدمشق وطلب العلم ودرّس في الجامع الأمويّ ولـمّا يبلغ العشرين من العمر، وأدمن على قراءة كتب الشيخ محي الدين بن عربي والعفيف التلمساني، وكانت داره رحمه الله في سوق العنبراتية بقرب الجامع الأموي منطقة الصّاغ القديمة. قام برحلات عديدة إلى إستانبول ولبنان وفلسطين والحجاز ومصر، ثم استقر في الصالحية إلى أن توفي في السادس والعشرين من شهر شعبان سنة ثلاث وأربعين ومئة وألف للهجرة. ودفن في داره، وبنى حفيده الجامع وبجانبه التربة التي تضمّ القبر.
يعود بناء المسجد إلى سنة خمس وأربعين ومئة وألف هجرية، اثنتين وثلاثين وسبعمئة وألف ميلادية. بعد وفاقة الشيخ، وقد نالته التوسعة زمن السلطان عبد الحميد، وكان فيه تسع فرق يتردد عليها الطلاّب. يصفه كارل بقوله: "إنّ البناء جميل وطليق، ويتحلّى بزخارف غنية منفّذة بطريقة تنزيل المعجون الملوّن في الجدران على طريقة (الأملق) وعلى الباب تواريخ من سنة ثمان وسبعين ومئة وألف وسنة أربع وسبعين ومئتين وألف.
للجامع واجهة حجرية، وإلى جانبها ضريح الشيخ، وينزل من الباب بعشر درجات إلى صحن واسع مفروش بالحجارة، وفي الجنوب بركة ماء مربّعة أمامها القاعة التي كان الشيخ يلقي فيها دروسه، وهي قاعة مستطيلة مزخرفة بالقاشاني وطريقة الأملق الرائعة، ولها أربعة شبابيك جنوبية تطلّ على دمشق، وللمسجد سدّة خشبية جميلة، ومحراب حجري بديع عادي، ومنبر خشبي مطعّم.
وقد جدد الجامع تجديداً شاملاً سنة تسع وأربعمئة وألف هجرية، وبني سقفه بالقرميد وهو ما لا يدلّ على طراز العمارة الشامية، ووسع مصلاّه توسعة كبيرة وجعلت فيه مدرسة للقرآن وزادت مساحته عدّة مرّات ما كان. وسقفه قديم بديع ويقام بجانبه مجمّع إسلامي كبير.
أما المئذنة البديعة فتتألف من قاعدة حجرية مربّعة مرتفعة، يعلوها جذع مثمّن بسيط وخال من العناصر التزيينية، فوقه شرفة مثمّنة ترتكز إليه بأفاريز حجريّة بدل المقرنصات، ويحيطها درابزين خشبي متقشف كما تعلوها مظلّة على غرارها. وفوقها جوسق مثمّن بطبقتين يزينهما رقش حجري أسود وأشرطة بسيطة، وينتهي رأس المئذنة بقلنسوة مخروطية تحميها ألواح التوتياء، وبذلك تحمل المئذنة طراز العمارة الشامية بتأثيرات عثمانية.
بانوا فأجروا عيـــــــــــــــوني   من بعدهم كالعيونِ
في حُبّهم متُّ عشقاً                          يا ليتهــــــــم قبلـــــــــــــــوني


أكنان النور - جامع الياغوشية - أحمد المفتي

جامع اليّاغوشيَّة
995 هــ - 1587 م




في سنة خمسٍ وتسعين وتسعمئة هجرية والتي توافقه سنة سبع وثمانين وخمسمئة وألف ميلادية، كلَّفَ الوزيرُ الأعظم سياغوش باشا، زعيم الإنكشاريّة في الشام حسن باشا بن عبد الله المعروف بالشوربزي، ببناء جامع له بدمشق، ودفع له المال الجزيل، فباشر في البناء في ذات العام، والباشا حسن الشوربزي هو الذي بنى سوق المرادية والخان، وجدّد أوقاف الجامع الأموي والبيمارستان النوري والقيمري، وكان معروفاً بين النّاس بسيرته الحميدة، وتُشبَّه بسيرة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فكان شديداً لا يعرف المداهنة، صريحاً لا يتستر على المقصّرين، فكرهه نفر وتآمروا عليه، وانتهت حياته بالعزل والمصادرة، وتوفي سنة سبع وعشرين وألف هجرية.

للجامع واجهة حجرية رائعة الجمال، منقوشة، مزخرفة، تحمل طابع العصر الذي بنيت فيه، ويُدخل من بابها لصحن كان مفروشاً بالحجارة الجميلة، كما كانت في وسطه بركة مربّعة تم إزالتها سنة اثنتين وأربعمئة وألف هجرية، وفرشت الأرض بالبلاط فوق الحجر الجميل. وفي شمال الصحن إيوان صغير يؤدّي إلى المصلّى الصيفي، وفي الجهة الجنوبية إيوان ضخم بخمس قناطر تحتها ثلاثة أعمدة حجريّة جميلة، وفوقها خمس قباب، وتحت القبّة الوسطى مدخل القبلية، ولها باب قبّة عالية قائمة على أربع قناطر، ويحيط بالقبلية حجارة رائعة الجمال منقوشة على ارتفاع خمسة أمتار، وبجانب المحراب الحجري الجميل لوحتان كبيرتان من القاشاني، وفوقهما وفوق الأبواب والشبابيك الشرقية والغربية، لوحات بديعة من القاشاني، وبجانب الباب سدّة خشبية تقوم على أربعة أعمدة من الرّخام الأبيض الجميل. وللجامع بابان شرقي وهو الأصيل، وغربي ثانوي محدث، ويقوم في الشمال مصلّى صغير يستخدم مجلساً للإمام وصحبه.

مئذنة الجامع حافظت على جمالها، وهي مرتفعة فوق قاعدة مربّعة من الحجر، جذعها مؤلّف من ستة عشر ضلعاً تجعله أقرب إلى الأسطوانة الصمّاء منه للجذع كثير الأضلاع، ولا يحمل نقوشاً وكتابات وتزيينات، وينتهي في الأعلى بمقرنصات غنية ترتكز إليها شرفة مثمّنة تعلوها مظلة على غرارها، وفوق الجميع جوسق بطبقتين، السفلية أسطوانية كاملة الاستدارة، والعلوية مثمّنة، وينتهي رأس المئذنة بقلنسوة مخروطية مضلّعة تغطيها ألواح التوتياء.
في أواخر العصر العثماني، استخدم الجامع مدرسة، ثم أعيد الجامع لوظيفته بعد انتقال المدرسة، وأُطلِقَ على الحيّ الذي فيه "الياغوشية" نسبةً إليه.




أكنان النور - جامع الحنابلة - أحمد المفتي

جَامع الحَنابلة



في سنة إحدى وخمسين وخمسمئة هجرية، ست وخمسين ومئة وألف ميلادية، هاجر أثناء حروب الفرنجة من قرية جماعيل القريبة من القدس بفلسطين الشيخُ أحمدُ بنُ قدامة، ويمّمَ وجهه شطر مدينة دمشق أيّام السلطان نور الدين بن زنكي، واتخذ سفح قاسيون له مسكناً، ونسب الحي الذي كان السبب في إنشائه إليه، وأَطلق عليه النّاسُ الصّالحيّة لصلاح ساكنيه وتقواهم، ثمّ أنشأ ابنهُ محمّد أبو عمر، مدرسةً شيخةً أشبه ما تكون بالجامعة، أُطلِقَ عليها العُمَريّة.
ولـمَّا كانت سنة ثمان وتسعين وخمسمئة للهجرة، شرع أبو عمر في بناء المسجد الجامع بالجبل كما يروي ابن كثير في تاريخه، ويقول: "أنفق عليه القاضي أبو داود الفامي إلى أن بلغ البناء مقدار قامة فنفذ المال، فأرسل للملك المظفّر كُوكُبري صاحب إرْبل الذي أسعفه بمال جزيل".

لذا أُطلق على الجامع اسم "المظفّريّ"، وجامع الجبل، وهو أوّل جامع بني في قاسيون، وجامعُ الحنابلة نسبة لبني قدامة الحنابلة، وجامع الصّالحين.
للجامع واجهة حجرية غربيّة فيها الباب الغربي وشبّاكان يطلاّن على القبلة، والصّحن مربّع مفروش بالحجارة يشبه صحن الجامع الأموي بتقسيماته وأجزائه، ففي شرقيّه وغربيّه إيوانان عظيمان يقوم كلّ منهما على خمس قناطر تحتها قواعد وأعمدة قديمة، وفي الجهة الشمالية إيوان يقوم على خمس قناطر من ورائها ثلاث أخرى، وإلى جانبها المئذنة المربّعة الجميلة، وأسقف الأروقة من خشب، وفي وسط الصحن بركة ماء مربّعة، وللجامع باب شرقي يقابله الغربي، وقد كتب عليه ما نصّهُ: "بسم الله الرحمن الرّحيم، إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر، هذا ما أمر بعمله تقرباً إلى الله وطلب ثوابه العبد الفقير إلى رحمة الله، والمعروفُ بذنوبه، الرّاجي عفوه وتوبته كوكبري بن علي بن بكتكين صاحب إربل، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر بمحمّدٍ وآله بتولّي الفقير إلى رحمة الله محاسن بن سليمان القلانسي سنة تسع وتسعين وخمسمئة".
وللحرم باب عظيم، وإلى يمينه بابان صغيران وثالث أصغر، وكذلك إلى ياسره، وكانت فوق الأبواب زخارف جصّية جميلة على الطّراز السلجوقي لم يبق منها إلاّ ما على الباب الأيمن الثاني. والحرم قائم على ثلاث جمالونات خشبية، تحتها خمس قناطر، ومن أمامها خمس أخرى، ولها شبّاكان عظيمان إلى زقاق الحنابلة، وآخران إلى طريق المسكي، وأربعة جنوبية تطلّ على بعض الدور، وللجامع محراب بديع، ولكن شوِّه بالدهان، والمنبر الخشبي من آيات الجمال وبدائع الفن الإسلامي، شبيه بمنبر الأقصى الذي احترق سنة تسع وستين وتسعمئة وألف على يد حاقد يهودي.

جدد الجامع، وطلي بالدهان، وأدخلت عليه تعديلات أفقدت رونقه وبهاءه. وفي صحنه ساعة شمسية معطّلة تشبه ساعة الجامع الأموي.


أكنان النور - جامع المعلق - أحمد المفتي

الجَامع الـمُعَلَّقْ
862 هــ - 1457 م



يعرف الجامع بالمعلّق، والجديد، وبردبك، وجامع بين الحواصل. وينسب بناء الجامع إلى بردبك الأشرفيإينال، الذي بنى بقناطر السّباع بمصر جامعاً هائلاً، وبنى مثله في غزّة ودمشق سنة اثنتين وستين وثمانمئة هجرية، الموافقة لسنة سبع وخمسين وأربعمئة وألف ميلادية، ثم نفيّ إلى مكة، وقتل في طريق العودة سنة ثمان وستين وثمانمئة هجرية، ودفن في مكة.

سمّي الجامع بالمعلّق لأنّه يُصعد إليه بدرج من الحجر الأبلق، وله منارة شاهقة بالأبلق مطلّة على بابه، وقد أصابت رأسها صاعقة سنة ثمان وخمسين وألف فدمّرته، وسقطت حجارة الرأس، فرمّمها نائب الشام محمّد باشا. وللجامع جبهة حجرية سوداء، وبيضاء على طريقة الأبلق رائعة، فيها بابان: باب غربي ذو مقرنصات ترجع إلى عهد البناء الأوّل، ومن الباب يدخل إلى صحن واسع فيه بركة جميلة وأروقة شرقية وغربية، وجبهته حجرية شمالية متقنة البناء يُدخلُ منها إلى القبلة الرائعة بجمالها وزخرفتها ومحرابها.
مئذنة الجامع من المآذن المملوكية الجميلة التي ينتقل جذعها من الشكل المربّع إلى الشكل المثمّن عبر وصلة مائلة السطح، ويزهو الجذع بالأشرطة المتشابكة ذات اللون الداكن، والحجارة المعشّقة ذات الألوان المتناوبة، أما شرفة المؤذّن البارزة قليلاً فإنّها مسقوفة، وأرضيتها مبنيّة من الخشب، وتنتهي المئذنة في أجزائها العلوية بالطريقة المملوكية.
تزيّن جذع المئذنة ثمان نوافذ صمّاء مقوسنة تفتح في أربع منها كوّات سهمية، كما تزينه ثمانية أقراص زخرفية وأشرطة، ويَنتهي الجذع بشرفة تتمادى مع قطره. ويحيط الشرفة درابزين، وتغطّيها مظلّة مثمّنة، وفوق الجميع جوسق مثمن بطبقتين تعلوهما ذروة صنوبرية.
طرأ على الجامع تجديد سنة ثمان وأربعمئة وألف هجرية، وفيه غرف علوية للطلاب، وبالرغم من جمالية هذا الجامع، فإنّ روّاده قلّة، وقد لا يصلّى فيه إلاّ الظهر والعصر وأحياناً المغرب والعشاء، ولعلّ السبب في ذلك وقوعه في منطقة الأسواق التي قد تخلو مساءً من أصحاب المحلاّت...





السبت، 30 يوليو 2016

التصوير الشمسي 3 - أحمد المفتي

التصوير الشمسي (3) ….


وصوّرنا يا زمن…

في خريف سنة 1840 أعلن عالم الرياضيّات واللغوي البريطاني الشهير وليم هنري فوكس تالبوت W. H. Fox Talbot (1800 - 1877) عن تطوير جذري في التصوير الفوتوغرافي لآلة داغيروتايب والتي كانت لا تعطي إلاّ صورة واحدة وعلى لوح من الفضة وبتكاليف باهظة، وأطلق على تطويره هذا واختراعه الكالوتايب Calotype وأصبح الأساس للتصوير الفوتوغرافي الحالي.. وبهذا التطور استطاع بالكالوتايب أن يعطي أكثر من صورة بالإضافة إلى خفض التكلفة. وغدا اختراعه في متناول كلّ هاوٍ، وماذلك إلاّ لرخص ما أنتج…

وكما أسلفنا سابقاً.. أن أوّل من التقط صوراً لدمشق بآلة الكالوتايب هو الضابط الطبيب كلاوديوس غالين ويلهاوس Claudius Galen Whulhous (1826 - 1909) وكان قد اختير ليرافق مجموعة من النبلاء البريطانيين في جولة بحريّة في المتوسّط على متن اليخت (جيتانا Gitana) سنة (1849 – 1880).. وكان من بين النبلاء الذين اصطحبهم اللورد لينكولن الذي أصبح فيما بعد وزيراً للحربية خلال حرب القرم (1854).

تجوّل الفريق البريطاني حوالي التسعة أشهر، فزاروا: إسبانيا، والبرتغال، ومالطا، واليونان، ومصر، وسورية، واستانبول.

 وبعد نهاية الرحلة سلّم ويلهاوس الصور التي التقطها إلى اللورد لينكولن، لكنّ حريقاً شبّ في 26 آذار 1879 أتى على معظم الصور، ولم ينج سوى ألبوم واحد تحتفظ به (الجمعية الملكية البريطانية للتصوير) في مركزها بمدينة باث Bath بعنوان "صور شرقية ومخططات تصويرية من شواطئ المتوسط". ويحتوي الألبوم على صورتين لدمشق تم التقاطهما من القلعة…

وفي أواخر أربعينيات القرن التاسع عشر، أسس المصوّر الفرنسي الهولندي الأصل ثيودور ليوف Theodore Leeuw أول استديو احترافي للتصوير في بيروت، ويذكر شارل دوكوتلوسكه في كتابه (ذكريات أخيرة) أنّه التقى في الجليل بفلسطين فرنسياً يقطن في بيروت ويتجوّل مع ابنه يلتقط صوراً بالداغيروتايب ويعتقد أنّ أول صورة بانورامية للقدس التقطها ثيودور من أربع لقطات متتابعة وممهورة بختمه في الخلف، وقتل ثيودور في عكا بتاريخ 8 كانون الثاني 1856، وواصل ابنه هنري (1837 - 1901) المشوار في بيروت قبل أن يستقرّ بدمشق أوائل الثمانينات.
في سنة 1852 قام المصوّر الألماني الهاوي أرنست بينكة Ernest Benecke (1817 - 1894)، والمولود في بريطانيا، بجولة في الشرق، ومكث في سورية سنة بكاملها (1852 – 1853) التقط فيها مجموعة من الصور لمناظر نادرة لم تعرض في أوروبا إطلاقاً، ثم ظهرت صوره سنة 1992 في مدينة ليل بعد طبعها من قبل لويس إيفرار وهي عبارة عن 143 صورة بيعت في مزاد بعد أن اكتشفت في منطقة بافاريا…
وما تتميز به صور بينكة أنّه التقطها: لربّات بيوت، وأزياء، وعازفين، وتجّار، ومناظر طبيعية، وعمرانية.. وهذا مالم يفعله غيره حيث نقل الحياة الاجتماعية التي كانت في خمسينيات القرن التاسع عشر.. ومن أعماله صورة لفندق أنطونيو بدمشق 2 تمّوز 1852 تمثّل الواجهة والليوان…
ومن أهمّ وأبرز المصوّرين الذين صوّروا دمشق مطلع خمسينيات القرن التاسع عشر… الاسكتلندي جيمس غراهام James Graham (1806 - 1869) والذي أقام في مدينة القدس 1853 وتجوّل في مصر وسورية والتقط صوراً للجامع الأموي، ومنظراً بانورامياً لدمشق من القلعة، ومنظراً باتجاه الغرب فيه جبال لبنان ولباب شرقي. وأغلب كتب الرحلات التي صدرت عن تلك الفترة تتزيّن بصوره. كما استخدمت صوره أساسً للوحات الرسّامين الاستشراقيين.

ويذكر الرسّام البريطاني توماس سيدون Thomas Seddon (1821 - 1856) أنّه حصل من غراهام على مجموعة من الصور الفوتوغرافية للاستعانة بها في رسم لوحاته.
كتب سيدون إلى خطيبته: "آمل أن أحضر بعض صور غراهام لأعرضها عليك وكذلك لتأمين حاجتي من الرسوم التخطيطية. إنّها صور قيّمة للغاية، لأنّها حقيقية تماماً بقدر ا لإمكان، ومع ذلك فإنّها لن تُعوِّضَ عن القلم. إذ أنّه يوجد في الصور الفوتوغرافية الكثير ممّا هو مزوّر"…


أكنان النور - جامع المولوية - أحمد المفتي

جامع المولويَّة
993 هــ - 1585 م



ينسب الجامع إلى المولوية، وهو في الأصل تكية بنيت سنة ثلاث وتسعين وتسعمئة هجرية والتي توافق سنة خمس وثمانين وخمسمئة وألف ميلادية، في عهد حسن باشا العثماني، وقذ ذكرها محمد بن جمعة في كتاب الباشات والقضاة فقال: "وعمرت مولوخانة تكية الدراويش بالقرب من جامع تنكز وهي في غاية الحسن والنهاية".
ومن المعروف أنّ الطريقة الصّوفيّة المولوية لم تتشكل في حياة مولانا جلال الدين الرومي، وهو على الرغم من أنّه أخذ الطريقة الكبروية عن والده والطريقة الملاميةوالقلندرية عن شمس التبريزي ثم قام بتفسيرهما متأثراً بوحدة الوجود عند ابن عربي إلاّ أنّ ذلك لم يسفر عن تنظيم هيكلي للمولوية. والذي جرى هو بعد وفاته زمن عارف جلبي المتوفى سنة عشرين وثلاثمئة وألف ميلادية، جرى شكل الدوران والزّيّ في اللباس، واستطاعت المولوية على مدى القرن الرابع عشر الميلادي أن تثبت وجودها منطلقة من قونية جنوب تركيا إلى العالم الإسلامي عبر التكايا، ولم تكتمل تعاليمها إلاّ في بداية القرن السابع عشر الميلادي.
أما الجامع التكيّة، فلا يزال تاريخ البناء على بابه بالرغم ممّا اعتراه من الكثير من التغيير منذ بنائه إلى يومنا هذا. وللمسجد الجامع جبهة حجرية منحوتة متقنة فيها الباب وشباكان إلى الطريق، وعلى كتفهما تقوم المئذنة الحديثة التي تحاكي مآذن القاهرة المملوكية، ومن تحتها سقاية وإلى جانب السقاية الحائط القديم وفيه أربع كوى صغيرة، ثم الباب القديم الذي كتب عليه تاريخ البناء وهو سنة ثلاث وتسعين وتسعمئة هجرية، وعلى امتداد الباب سقاية معطّلة فوقها أبيات بالتركية مؤرّخة بعام ست وستين ومئتين وألف. وإلى شمال الداخل من الباب الجديد القبلية المبنية من الإسمنت ولها محراب لطيف حسن ومنبر خشبي جميل. وإلى يمين الداخل درجات ينزل بها إلى صحن مستطيل يؤدي إلى قبّة الحضرة حيث يقوم الدراويش المولوية بدورانهم المعروف وفي تلك الحضرة قبة لأحد مشايخهم، وحول تلك الحضرة غرف لسكن الدراويش.
مئذنة الجامع تتميز بطراز عمراني فريد في دمشق، وهي شبيهة بمآذن القاهرة المملوكية وتشبهها مئذنة جامع الفردوس ومئذنة جامع الفاروق، ولكنّهما لم تحملا جمال هذه المئذنة. وتتألف من جذع مثمّن متكرر يتناقص في صعوده نحو الأعلى طولاً وقطراً، وتقطعه ثلاث شرفات خالية من المظلاّت تتناقص أقطارها من القاعدة إلى الرأس، والشرفتان السفليتان مثمّنتان تتدلى منهما المقرنصات، ويحيطهما درابزينان شبكيان مفرّغان. أما الشرفة العلوية الثالثة فأسطوانية ذات مقرنصات، ودرابزينهاأسطوانيفوقها جوسق على شاكلتها يحمل ذروة صنوبرية.
إنّها المئذنة المتفرّدة في سماء دمشق شاهقة، تردد قول مولانا: "حين يمتطي نور الحقّ الحيَّ فإنَّ الرُّوح تغدو مشتاقة إلى الحقّ".





الأربعاء، 27 يوليو 2016

حكاية التصوير الشمسي 2







وصوّرنا يا زمن…
كان الخبير بالآثار والعمارة الإسلامية جوزيف فيليبير دوبرانجي Joseph Philibert Girut de Prangey (1804 – 1892) قد تجوّل في قرطبة وغرناطة وإشبيليا ليتمّ دراسته للقصور والمباني الإسلامية سنة 1832، وكان يرسم تفاصيل ذلك بالقلم والريشة: 1836 – 1839 …




عاد دوبرانجي من جولته الإسبانية إلى باريس وفوجئ بآلة الداغيروتايب، هذا الاكتشاف العلمي العظيم، وسرعان ما جهّز نفسه واقتنى آلة مع المواد الكيميائية للتظهير. وانطلق سنة 1842 في رحلة إلى روما، ومصر، وسورية، وتركيا واليونان، وخلال جولته في دمشق أواخر عام 1843 ومطلع 1844 التقط خمس عشرة صورة: للجامع الأموي، وفندق تدمر بساحة المرجة، ومنزل سليمان فارحي، وخان أسعد باشا العظم، والقلعة، وغيرها…


وصوره هذه مؤرّخة مع شروح بخطّ اليد. ويشير فهرس أعماله إلى أنّه التقط 831 صورة بالداغيروتايب لسوريّة ومصر وآسيا الوسطى وغيرها، وهي محفوظة في 29 صندوقاً، وموجودة في فرنسا، ومعظم صوره لم تنشر حتى الآن. ويوجد بعض أعمالة في مجموعة (غيرنشايم) التي وهبها لمركز الأبحاث الإنسانية بجامعة تكساس في أوستن بأمريكا…

حكاية التصوير الشمسي 2







وصوّرنا يا زمن…
كان الخبير بالآثار والعمارة الإسلامية جوزيف فيليبير دوبرانجي Joseph Philibert Girut de Prangey (1804 – 1892) قد تجوّل في قرطبة وغرناطة وإشبيليا ليتمّ دراسته للقصور والمباني الإسلامية سنة 1832، وكان يرسم تفاصيل ذلك بالقلم والريشة: 1836 – 1839 …



عاد دوبرانجي من جولته الإسبانية إلى باريس وفوجئ بآلة الداغيروتايب، هذا الاكتشاف العلمي العظيم، وسرعان ما جهّز نفسه واقتنى آلة مع المواد الكيميائية للتظهير. وانطلق سنة 1842 في رحلة إلى روما، ومصر، وسورية، وتركيا واليونان، وخلال جولته في دمشق أواخر عام 1843 ومطلع 1844 التقط خمس عشرة صورة: للجامع الأموي، وفندق تدمر بساحة المرجة، ومنزل سليمان فارحي، وخان أسعد باشا العظم، والقلعة، وغيرها… وصوره هذه مؤرّخة مع شروح بخطّ اليد. ويشير فهرس أعماله إلى أنّه التقط 831 صورة بالداغيروتايب لسوريّة ومصر وآسيا الوسطى وغيرها، وهي محفوظة في 29 صندوقاً، وموجودة في فرنسا، ومعظم صوره لم تنشر حتى الآن. ويوجد بعض أعمالة في مجموعة (غيرنشايم) التي وهبها لمركز الأبحاث الإنسانية بجامعة تكساس في أوستن بأمريكا…

حكاية التصوير الشمسي




 صورنا يازمن .....

بطريقة بدائية، استطاع جوزيف نيبس سنة 1826 أن يتوصّل لآلية تصوير فوتوغرافية.. ولكنّه توفيّ سنة 1833 دون أن يحقّق ما أراد …
وقام: لويس داغير بتطوير ما توصّل إليه نيبس ونجح في سنة 1839 باختراع آلة التصوير (الدّاغيروتايب) نسبة إليه، وتنتج الآلة صورة واحدة فريدة على صفيحة فضّية أو نحاسية مطليّة بالفضّة، (نيكاتيف) ويمكن نقلها بواسطة الحفر لإنتاج صورة واحدة لا غير..
وكان هذا هو أسلوب التصوير الفوتوغراي بين سنة (1840 – 1850) وانتشرت الكثير من الصّور المحفورة بواسطة الداغيروتايب.
قرر عالم البصريات الفرنسي لوروبور إخراج كتاب مصوّر لأبرز معالم مدن العالم الشهيرة، فزوّد مجموعة من الفنّانين والكتّاب بآلة الداغيروتايب التي كان ينتجها، وتوجّهت منها اثنتان إلى منطقة الشرق الأوسط.
كانت البعثة الأولى بقيادة لوتبينيير.
والبعثة الثانية: الفنان فيرنيه، وبروتون، والفنّان المصوّر فيسكه، وتوجّهوا لمصر بحراً، وبقي لوتبينيير في مصر يصور الحضارة الفرعونية، في حين توجّه فيرنيه ورفيقاه براً إلى سورية فدخلوا غزة 1839 والتقط فيسكه الصور الأولى لغزة والقدس ودمشق وبعلبك وبيروت.
يقول فيسكه: "في 13 من كانون الثاني 1840 حوالي الساعة 3,30 بعد الظهر شاهدت دمشق لأول مرّة من على قمّة تلّة، إنّها الجنّة.. حدائق غنّاء مليئة بالجداول الرقراقة، والمآذن الكثيرة البيضاء التي تشرئبّ بروعتها تخلب اللّب وسط طبيعة شتائية كئيبة"..
أمضى فيسكه ورفيقاه في دمشق ما بين 11 – 24 كانون الثاني، وأقاموا في دير الآباء الكبوشيين في باب توما.. والتقط فيسكه أول صورة لدمشق بآلة الداغيروتايب الساعة 3,20 من بعد ظهر 19 كانون الثاني …
أمّا لوتبينيير، فبعد أن أنهى جولته بمصر، توجّه نحو سورية وسجّل انطباعاته ومشاهداته ونشرها في مذكراته [يوميات رحلة (1839 – 1840)].
يقول لوتبينيير: "كنت متلهّفاً للوصول إلى دمشق المدينة العظيمة المقدّسة، وما عرفت مدينة يطول انتظار رؤيتها مثل دمشق…
وأخيراً بدت وكنت قرأت عنها، إلاّ أنّ ما رأيت كان أجمل بكثير مما قرأت.. هي السّحر، امتدّت وسط سهل كبير وأدغال، والماء يجري في كلّ مكان.
وحين وصولي إلى دير رهبان الفرنسيسكان حيث حططت رحلي، كان الناس يتحدّثون عن الجريمة التي اقترفها اليهود بإقدامهم على ذبح الراهب الفرنسيسكاني الأب توما الذي كان أمضى أكثر من سبع وثلاثين سنة يساعد المرضى، ويعطي اللقاحات لأكثر من خمسة عشر ألف طفل"….
ويسرد لوتبينيير تفاصيل الجريمة ووثائقها التي أقدم عليها الحاخام موسى أبو العافية …
بعد زيارة القنصل الفرنسي، التقى الوالي شريف باشا وطلب منه الأذن وتأمين الحماية له لزيارة تدمر، ولكنّ الوالي نصحه بعدم الذهاب وهو لا يستطيع حمايته. ويصف لوتبنيير أثاث غرفة الوالي البسيطة الرّثّة.. كما يصف اندلاع وباء الطاعون أثناء إقامته حيث غادر بسرعة قبل الحجر عليه صحّياً …

وابتداء من العام 1840 وخلال السنتين التاليتين نشرت الصور بشكل تدريجي وصدرت الطبعة الأولى من كتاب (Excursions Daguerriennes) في مجلّدين ضمّا 111 صورة اختيرت من أصل ما يقارب 1200 داغيروتايب.

حكاية صورة







الصورة من أرشيف الأخ أبي يامن وشكراً للتنويه



صورة بآلة الكالوتايب المتطورة عن  الداغيروتايب 1849 ، وهي أوّل صورة التقطت لدمشق بالكالوتايب لـــ: كلوديوس غالن ويلهاوس الذي كان ضابطاً وطبيباً ، واختير ليرافق مجموعة من النبلاء البريطانيين في جولة بحرية في المتوسط على متن اليخت "جيتانا" وكان من بين النبلاء اللورد لينكولن الذي أصبح فيما بعد وزيراً للحربية البريطانية خلال حرب القرم (1854) .

تجوّل الفريق البريطاني حوالي التسعة أشهر فزاروا اسبانيا والبرتغال ومالطا واليونان ومصر وسورية واسطنبول وبعد نهاية الرحلة سلّم ويلهاوس الصور التي التقطها إلى اللورد لينكولن ، لكنّ حريقاً شبّ في 26 آذار 1879 أتى على معظم الصور ، ولم ينج سوى ألبوم واحد تحتفظ به (الجمعية الملكية للتصوير) في مركزها بمدينة باث (Bath) البريطانية بعنوان صور شرقية ومخططات تصويرية من شواطئ المتوسط ، ويحتوي الألبوم على صورتين لدمشق تمّ التقاطهما من القلعة ، منها هذه الصورة .

حكاية صورة










صورة بآلة الكالوتايب المتطورة عن  الداغيروتايب 1849 ، وهي أوّل صورة التقطت لدمشق بالكالوتايب لـــ: كلوديوس غالن ويلهاوس الذي كان ضابطاً وطبيباً ، واختير ليرافق مجموعة من النبلاء البريطانيين في جولة بحرية في المتوسط على متن اليخت "جيتانا" وكان من بين النبلاء اللورد لينكولن الذي أصبح فيما بعد وزيراً للحربية البريطانية خلال حرب القرم (1854) .

تجوّل الفريق البريطاني حوالي التسعة أشهر فزاروا اسبانيا والبرتغال ومالطا واليونان ومصر وسورية واسطنبول وبعد نهاية الرحلة سلّم ويلهاوس الصور التي التقطها إلى اللورد لينكولن ، لكنّ حريقاً شبّ في 26 آذار 1879 أتى على معظم الصور ، ولم ينج سوى ألبوم واحد تحتفظ به (الجمعية الملكية للتصوير) في مركزها بمدينة باث (Bath) البريطانية بعنوان صور شرقية ومخططات تصويرية من شواطئ المتوسط ، ويحتوي الألبوم على صورتين لدمشق تمّ التقاطهما من القلعة ، منها هذه الصورة .

حكاية صورة










صورة بآلة الكالوتايب المتطورة عن  الداغيروتايب 1849 ، وهي أوّل صورة التقطت لدمشق بالكالوتايب لـــ: كلوديوس غالن ويلهاوس الذي كان ضابطاً وطبيباً ، واختير ليرافق مجموعة من النبلاء البريطانيين في جولة بحرية في المتوسط على متن اليخت "جيتانا" وكان من بين النبلاء اللورد لينكولن الذي أصبح فيما بعد وزيراً للحربية البريطانية خلال حرب القرم (1854) .

تجوّل الفريق البريطاني حوالي التسعة أشهر فزاروا اسبانيا والبرتغال ومالطا واليونان ومصر وسورية واسطنبول وبعد نهاية الرحلة سلّم ويلهاوس الصور التي التقطها إلى اللورد لينكولن ، لكنّ حريقاً شبّ في 26 آذار 1879 أتى على معظم الصور ، ولم ينج سوى ألبوم واحد تحتفظ به (الجمعية الملكية للتصوير) في مركزها بمدينة باث (Bath) البريطانية بعنوان صور شرقية ومخططات تصويرية من شواطئ المتوسط ، ويحتوي الألبوم على صورتين لدمشق تمّ التقاطهما من القلعة ، منها هذه الصورة .

حكاية صورة







الصورة من أرشيف الأخ أبي يامن وشكراً للتنويه



صورة بآلة الكالوتايب المتطورة عن  الداغيروتايب 1849 ، وهي أوّل صورة التقطت لدمشق بالكالوتايب لـــ: كلوديوس غالن ويلهاوس الذي كان ضابطاً وطبيباً ، واختير ليرافق مجموعة من النبلاء البريطانيين في جولة بحرية في المتوسط على متن اليخت "جيتانا" وكان من بين النبلاء اللورد لينكولن الذي أصبح فيما بعد وزيراً للحربية البريطانية خلال حرب القرم (1854) .

تجوّل الفريق البريطاني حوالي التسعة أشهر فزاروا اسبانيا والبرتغال ومالطا واليونان ومصر وسورية واسطنبول وبعد نهاية الرحلة سلّم ويلهاوس الصور التي التقطها إلى اللورد لينكولن ، لكنّ حريقاً شبّ في 26 آذار 1879 أتى على معظم الصور ، ولم ينج سوى ألبوم واحد تحتفظ به (الجمعية الملكية للتصوير) في مركزها بمدينة باث (Bath) البريطانية بعنوان صور شرقية ومخططات تصويرية من شواطئ المتوسط ، ويحتوي الألبوم على صورتين لدمشق تمّ التقاطهما من القلعة ، منها هذه الصورة .

أكنان النور - جامع ابي النور -ِ A.ALMOUFTI

جامع أبي النُّور
614 هــ -1217 م


يقع الجامع في منطقة الصالحية ويطل على شارعين هما، شارع أسد الدين شيركوه شمالاً، وشارع الشيخ عبد الغني النابلسي جنوباً، وقد بني على أنقاض جامع قديم كان يدعى جامع أبي النّور حوالي سنة أربع وتسعين وثلاثمائة وألف هجرية، أربع وسبعين وتسعمئة وألف ميلادية، وأصبح الجامع مجمّعاً رسميّاً لجماعة الشيخ أحمد كفتارو -رحمه الله- يمارسون دوراً نشيطاً ومتميّزاً في حياة مدينة دمشق خاصة والعالم عامّة.
كان مكان هذا المجمّع الضخم جامع صغير وتربة، وقد عرف الجامع باسم أبي النور، وما هو في الحقيقة إلاّ الأمير زين الدين قراجا الصلاحي الناصري الأيوبي المتوفى سنة أربع وستمئة للهجرة، وكما جاء في نقش كان على الحائط الشمالي: "هذه تربة الأمير الأجّل... أبي سعيد قراجا الصلاحي... كان شهد الغزوات مع معتقه الملك الناصر، وحضر فتوح القدس حرسها الله، والبلاد الساحلية، ولزم مرابطة عكا..."
وجاء في نقشٍ آخر "ثمّ إنّه حجّ إلى بيت الله الحرام عام واحد وستمئة وتوجّه غازياً سنة أربع وستمئة هجرية، فتوفي حال عودته من غزوة طرابلس، فدفن في سفح هذا الجبل، ثم نقل إلى هذه التربة في رجب سنة أربع عشرة وستمئة، كما أنشأه ولده سيف الدين محمد "
كان لجامع أبي النور وشيخه مفتي سورية الذي كان يعظ الناس في باحة المسجد الملاصقة له منذ منتصف القرن العشرين الأثر العميم على مجتمع مدينة دمشق وريفه، فكثر أتباعه حتى حقق طموحه في بناء هذا المجمّع الإسلامي الكبير. وليس للجامع المحدث ما يلفت النظر في رقشه أو بنائه المعماري سوى أنّه بني على مثال الجوامع الحديثة الذي تغيّرت بمخططاتها ومساقطها عن الجوامع المثال التي كانت في العصور السابقة من حرم وصحن وأروقة.. وإن هو إلاّ مصلّى في وسط جداره الجنوبي محراب شبه عادي.
أما مئذنتا الجامع المعاصرتان فهما ترتفعان فوق المجمّع، ومن العسير إطلاق صفة على طرازهما، فهما متشابهتان كالتوأم، والقاعدة فيهما مربعة تحمل جذعاً مقسوماً إلى طبقتين: الطبقة الأولى منهما ثمانيّة الأضلاع مملوكية التأثير تزخرفهما أربعة نوافذ تزيينية متطاولة على الطراز الحديث، وتعلوهما شرفة مثمّنة بلا مظلّة، والطبقة الثانية كثيرة الأضلاع عثمانية التأثير لا نوافذ فيها، تعلوها شرفة ثانية كثيرة الأضلاع من غير مظلّة. وترتفع فوق الجميع قبة ذات أعمدة، تحمل ذروة صنوبرية تشبه الطراز المملوكي، ولا وجود لأشرطة أو حشوات أو مقرنصات، وقد جنح المهندس المصمم فيها إلى البساطة والتحديث العمراني.

جامع منذ قرن من الزمن لم يتعطّل فيه ذكر على الطريقة النقشبندية، وتأمل في الذات الإلهية.. منذ زمن الشيخ أمين وأحمد... وحتى اليوم.


أكنان النور - جامع الركنية - A.ALMOUFTI

جامع الرَّكنيَّة
625 هــ -1227 م


أنشئ الجامع في الأصل مدرسة لدراسة المذهب الحنفي. وقد أنشأها الأمير ركن الدين منكورس الفلكي، غلام فلك الدين، أخي الملك العادل لأمه. كما أنشأ مدرسة للشافعية. وكان ركن الدين صالحاً عفيفاً خيّراً كثير الصدقات، وكان ينزل في كلّ ليلة وقت السحر إلى الجامع الأموي، ويواظب على حضور الصلوات فيه، ولم يكن له نظير في أخلاقه وورعه وسكونه وصمته. توفيّ في جيرود سنة إحدى وثلاثين وستمئة هجرية ونقل إلى الركنية وقبره في جانب الجامع. وكان لمدرسته الشافعية شأن كبير في دمشق، درس فيها خيرة العلماء كأبي شامة والنوويّ وابن خلّكان وغيرهم.
بوشر ببناء الركنية سنة إحدى وعشرين وستمئة هجرية كما هو مدوّن فوق شبّاكها، وفُرغ من بنائها سنة خمس وعشرين وستمئة هجرية. يتميّز الجامع بجمال جبهته الحجرية البديعة ذات الزّخارف الهندسية والكتابات الكوفية الرائعة فوق الباب وفيها: قل هو الله أحد. وتحمل الواجهة مقرنصات بديعة على الطراز المعماري الأيوبي. ويدخل من الباب إلى قبّة عظيمة ولكنها سقطت فأقيم مكانها سقف قد شوّهها، وإلى جانبيها الأيمن والأيسر قنطرتان تقومان على عمودين ضخمين، وكان تحت القبة بركة ماء ولكنّها دثرت مع التجديد. وفي الجهة الجنوبية من القبّة باب ضخم يؤدي إلى القبلية وفيها محراب من جصّ عادي وتحت القنطرة اليسرى باب يؤدي إلى قبّة تحتها ضريح عال هو ضريح ركن الدين.
يعتبر الجامع خير مثال لطراز العمارة الأيوبية بروعة بنائه الحجري وبساطة تزييناته التي تقوم على المقرنص وبعض لمسات من الكتابات الكوفية، ولقد قامت مديرية الآثار ببعض الإصلاحات والترميمات عليه وأحاطته بحديقة ساهمت في جماله.
ليس للجامع مئذنة زمن بنائه، ويعتقد أن المدرسة لم تكن تحمل طابع الجامع لوجود جامع الحنابلة في المنطقة، إذ كان المسجد الجامع الذي يؤمّه المصلّون.
وأقدم ما جاء عن مئذنته ما ورد عند ابن طولون حيث قال: "ومئذنة الركنيّة من الآجرّ بطبقة واحدة". إلاّ أنّ المدرسة ظلّت بدون مئذنة طوال العهد المملوكي والعثماني، حتى جاء من أضاف مئذنة صغيرة على سطح الجانب الغربي، ثم أزيلت وأقيمت مكانها مئذنة أواخر سنة تسعين وتسعمئة وألف ميلادية لا تليق بالبناء الأثري الشامخ، وهي معاصرة بجذع مثمّن فقير، وكذلك شرفتها ودرابزينها ومظلتها، أما الجوسق فمثمّن في قسمه السفلي واسطواني في العلوي ويحمل ذروة يفترض أن تكون صنوبرية لكن كتلتها لا تتناسب وارتفاع المئذنة، ولا تنسجم مع تشكيلها المعماري.
قال ابن كتان في المروج السندسية... "إنّ هذا الجامع هو من أعمر مساجد الصَّالحية وأنزهها".
وإذا نظرتَ إلى الأماكِن تُلْفِها          تشقى كما تشقَى العبادُ وتسعدُ