الجمعة، 11 نوفمبر 2016

التصوير الشمسي - 17 - أحمد المفتي - AHMAD ALMUFTI


وصوّرنا يا زمن…

القيصر غليوم الثاني والتصوير


خلال زيارة الإمبراطور الألماني غليوم الثاني إلى سورية سنة 1898 توافد المصورون ليغطّوا هذه الزيارة، فبالإضافة إلى المصورين الألمان الذين رافقوا الإمبراطور


، كلّف السلطان عبد الحميد الثاني بعض المصورين العسكريين ومصوري البلاط أمثال عبد الله إخوان، وسباح، وجوالييه بتغطية الرحلة بالكامل. 

كما سعى المصورون المحليون للاستفادة من الزيارة أيضاً. وقد تم توثيق زيارة القيصر بالصور الفوتوغرافية من قبل: غرابيد كريكوريان 1847 – 1920 وهو أرمني كان يقيم في القدس. والتقط كريكوريان صوراً للإمبراطور في دمشق ظهرت منها ثلاث عشرة صورة في ألبوم خاص أصدره في تلك المناسبة.


وكان كريكوريان قد تلقى دروساً في التصوير الفوتوغرافي في مطلع الستينات على يد البطريرك الأرمني ياي غرابيديان 1825 – 1885 

الذي كان يعطي دروساً في التصوير في الكنيسة الأرمنية بالقدس، وفي العام 1882 تخلّى غرابيد كريكوريان عن ثوبه الكهنوتي وافتتح استديو للتصوير في شارع يافا في القدس، وفي العام 1885 أصبح شريكاً لكل من جورج صابونجي في بيروت وداوود صابونجي الذي كان يمتلك استديو في طلعة العجمي في يافا. وفي العام 1913 صار كريكوريان شريكاً لخليل رعد، وكان هذا من أبرز 
المصورين العاملين في القدس.

وتضمنت نشاطات خليل رعد 1874 – 1956 التصويرية منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى العام 1948 أعمالاً التقطت في فلسطين ولبنان والأردن ودمشق.

 وكان يمتلك استديو في شارع يافا في القدس، وتحتفظ مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت بأرشيفه الفوتوغرافي. 

وكذلك التقط المصور التركي علي سامي "اكوزير" 1866 – 1936 صوراً لزيارة القيصر بما فيها صور دمشق، وكان علي سامي تخرّج ضابطاً في سلاح المدفعية سنة 1886. ثم تلقى دروساً في الفن والتصوير الفوتوغرافي في المعهد السلطاني بإستنبول.
القدس والمستوطنة الأمريكية
سجلت زيارة القيصر بداية النشاط التصويري لما عرف لاحقاً باسم دائرة التصوير في (المستوطنة الأمريكية) American Colony في القدس، 

وقد تأسست هذه المستوطنة عندما وصلت مجموعة من المستوطنين الأمريكيين القادمين من شيكاغو إلى فلسطين بقيادة المحامي هورانتيو سبافورد Horantio Spafford للاستيطان والعمل في الزراعة وتأصيل الحيوانات على حد زعمهم. وانضمت لهذه المجموعة المريبة الأصولية الغربية في العام 1896 أعداد من السويديين بتشجيع جماعة سويدية كانت مقيمة في شيكاغو. وكان منهم غاتسجيفار أريك ماتسون 1888 – 1977 ولارس لارسن Lars Larson اللذان أصبحا من أشهر المصورين في المستوطنة.

وتروي بيرتا سبافورد فيستر Bertha Spafford Vester ابنة مؤسس المستوطنة في مذكراتها بعنوان "قدسنا" Our Jerusalem – النوايا الاستعمارية ظاهرة من العنوان – قصة نشوء دائرة التصوير في تشرين الأول 1898 قائلة: "اشترت المستوطَنة الأمريكية كاميرا قديمة عندما وصل الإمبراطور الألماني إلى فلسطين. وبهذه الطريقة تأسست دائرة التصوير التي اشتهرت فيما بعد بمجموعتها الكبيرة من الصور الفوتوغرافية والسلايدات المجسّمة".
كانت بداية النشاطات الفوتوغرافية في المستوطَنة سنة 1898 على يد فريدريك فيستر Frederick Vester وإيليا مايرز Eligah Meyezr المصورين الفوتوغرافيين الناشطين، 

وانضمّ إليهما في وقت لاحق مصوران آخران هما: فورمان بالدوين Furman Baldwin ولارس لارسن. وفي العام 1924 تزوّج ماتسون من اديت يانيتس Edith Yanitss التي جاءت عائلتها إلى فلسطين من إحدى مزارع كنسان الأمريكية في العام 1896، ونشط الزوجان في إنتاج صور فوتوغرافية ملوّنة باليد، وصور مكبّرة ملوّنة، وسلايدات زجاجية، وبطاقات بريدية. كما كانت دائرة التصوير في المستوطنة تنتج ألبومات صور بعضها مزيّن بنباتات وأزهار مجففة من الأرض المقدّسة وتبيعها إلى السيّاح والحجاج. وفي سنة 1934، استلم ماتسون ويانيتس إدارة دائرة التصوير وغيّرا اسمها إلى "خدمات ماتسون الفوتوغرافية" Matson Photo Services 

وقد تجولا معاً في سورية ومصر والعراق وشرق إفريقية، وعاد الاثنان إلى أمريكا سنة 1946 تاركين خلفهما ألوف الأفلام والصور. وبعد الاحتلال الصهيوني للقدس 1967 انتقلت المجموعة وعددها 20 ألف نيغاتيف إلى مكتبة الكونغرس في واشنطن. وتعتبر الصور وثائق فوتوغرافية تسجل التغييرات الدراماتيكية التي شهدتها سورية ومنطقة الشرق الأدنى قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها.

يتضمن دليل الصور التي أصدرته مكتبة الكونغرس بأربعة مجلدات مشاهد منتقاة من المجموعة،

 من بينها 33 صورة لدمشق بين أواخر العقد التاسع من القرن التاسع عشر وسنة 1930، كذلك التقطت الإمبراطورة أوغوسطا فيكتوريا Augusta Victoria عدة صور فوتوغرافية خلال هذه الزيارة. وهناك ألبوم خاص من صورها محفوظ ضمن مجموعة خاصة في باريس.

الجمعة، 4 نوفمبر 2016

التصوير الشمسي - 16- أحمد المفتي

.

وصوّرنا يا زمن…

الناشرون والمصوّرون

قام الكاتب والناشر والمصوّر الفرنسي جول جيرفيهكورتلمونJules Gervais Courtellemont والذي عاش فيما بين سنة 1863 – 1931، مع والد زوجته شارل لامان والذي سبق له أن زار سورية سنة 1844 على نشر مجموعة من الكتب مزيّنة بالصور بعنوان "طبعات جيرفيه–كورتلمونت" Editions Gervais-Courtellemont وكان جيرفيه–كورتلمونت قد استقر في الجزائر مع أمه وأبيه بالتبني 1874، واعتنق الإسلام لاحقاً، وكان في مقدمة الناشرين للكتب المصوّرة في فرنسا والجزائر ورائداً في التصوير الفوتوغرافي الملوّن Autochrome، وقام برحلات في الجزائر وجال في إسبانية ومصر والجزيرة العربية وتركيا، وسوريا، وتيبت والهند الصينية. وفي حزيران 1893 سافر مع لامان إلى سورية، وكانت حصيلة تلك الرحلة إصدار كتاب بعنوان: "من الجزائر إلى القسطنطينية، القدس، دمشق" D'AlgeraConstantinople, Jerusalem, Damas. وضمّ الكتاب مجموعة كبيرة من المناظر، من بينها 39 صورة عن دمشق للشوارع والمقاهي وبردى ومناظر عامة،وللقاشاني والخزف..


وكتب شارل لاماننص الكتاب وقال إنّه ورفيقه كانا من أوائل المسافرين على خط سكةة حديد بيروت-دمشق، وأنّ الكونت دوبرتويLe Conte de Perthuis المشرف على المشروع خصص لهما عربة إضافية، وبذلك استطاع التوقف حيث شاء خلال الطريق، ويصف لامان دمشق بالتفصيل مركزاً على جمال الطبيعة وعلى غوطتها التي يمكن أن تكون بعمق 15 كيلومتراً، وعلى جوامعها وحرفييها، ويصف الحالة الاجتماعية، مؤكداً على أن عدد السكان يتراوح بين 125 و 130 ألفاً.

وفي االعام 1894، حج سراً إلى مكة والمدينة والتقط صوراً للمدينتين. وزار جيرفيه-كورتلمونت سورية مرة ثانية 1908 بدعوة من الحكومة العثمانية لتصوير احتفالات تدشين خط سكة حديد الحجاز، وفي 327 آب غادر دمشق مع لجنة الاحتفالات على متن قطار خاص، وقد نشرت مجلة L'illustration الفرنسية تحقيقاً عن الحدث وبعض الصور التي التقطها جيرفيهكورتلمونت في تلك المناسبة...
ويمتلك المتحف الجغرافي الوطني في واشنطن العاصمة و "مكتبة أفلام مدينة باريس" الآلاف من صوره الفوتوغرافية وكذلك متحف "البرت كان" في بولون–بيانكور (فرنسا) Albert Kahn وشركة سيغما في باريس.

كما نشط المصور الأرمني الأصل هوفانسحلادجيان في حيفا بين 1899 و 1911. وكان قد بدأ عمله في حقل التصوير الفوتوغرافي سنة 1884 في مدينة عينتاب (جنوب شرق الأناضول) في العام 1894 انتقل إلى منطقة أضنة – مرسين ثم استقر في حيفا. والتقط حلادجيان صوراً لدمشق من بينها عمود المرجة الذي نصب بمناسبة مد أسلاك البرق للمدينة، كما اشتهر بالتقاطه صوراً لكافة مراحل إنشاء خط سكة الحديد ومحطاته وجسوره.

وفي العام 1894 التقط المصور النمساوي شارل سكوليكCharles Scolik 1853 – 1928، مجموعة من الصور لدمشق خلال رحلته إلى اليونان وتركية وسورية ومصر. وكان سكوليك قد درس التصوير الفوتوغرافي في فيينا تحت إشراف أ. هورنينغE. Horning، وفي العام 1886 بدأ العمل في استديو (ف. كوهلر وشركاه) F. Kohler & Co.في فيينا. ثم افتتح استديو خاصاً به سنة 1886 وكان بين 1889 و 1893 المحرر والناشر لمجلة مصوّرة تدعى PhotographischeRundschau. وحصل في العام 1892 على وظيفة في القصر الملكي حيث كلّف بتصوير المناسبات وحفلات الاستقبال. وفي العام 1893 انضمّ إليه ابنه في العمل وكان يحمل اسم أبيه شارل.

كان شارل سكوليك الأبن أبرز مصوّر فوتوغرافي في فيينا بين سنة 1880 و 1910. ونشر مجموعة من البطاقات المصوّرة، وكذلك عدة دراسات حول الكيمياء والتصوير الفوتوغرافي الداخلي. كما كان أحد مؤسسي نادي التصوير الفوتوغرافي في فيينا سنة 1887، وتقدّم مع مجموعة من زملائه المصورين بطلب إلى الحكومة النمساوية لجعل التصوير الفوتوغرافي مادة تدرّس في المدارس الحرفية. وركّز سكوليك أثناء التقاطه الصور في دمشق على البيوت الدمشقية، وفندق الشرق، وباب شرقي، والتكية السليمانية، ومقبرة باب الصغير، والصالحية، والمشفى العسكري، ومناظر أخرى عامة...

وأنتج ألبومات مصوّرة ومجلّدة تجليداً أنيقاً بجودة عالية، وكان يستهلّ ألبوماته بمقاطع شعرية كأداة لترويج أعماله.